مقال منشور بمجلة المقار الصادرة عن المركز الجامعي بتندوف – العدد الأول ديسمبر 2017
ملخص:
يستدعي تحسين أداء الجماعات المحلية في الجزائر آليات عملية، تتأتّى بالنهوض بالموارد البشرية وربطها بالمعرفة والتكنولوجيا من خلال تعميم استخدام الإدارة الإلكترونية، حيث تعد وسيلة هامة للرفع من كفاءة الموظفين وتطوير أدائهم، كما أصبحت الحلول الرقمية من الركائز الجوهرية في تطور الإدارة العمومية وتعتبر الآلية المحورية التي تخدم المواطنين وتحرك عجلة التنمية في المستوى المحلي.
وفي هذا الإطار، وسعيا منها لتجسيد مشروع الحكومة الإلكترونية اتجهت إلى الاهتمام بتكنولوجيا الإعلام والاتصال ودمجها في المؤسسات العمومية والإدارة المحلية بهدف تطوير الوظائف الإدارية كالقضاء على البيروقراطية كتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين .
الكلمات المفتاحية: الإدارة الإلكترونية، الإدارة المحلية، الحكومة الإلكترونية.
Abstract:
Improving the performance of local authorities in Algeria, requires practical mechanisms by developing human resources and linking them with the knowledge and technology through the universal use of e-administration. Which is an important way to improve staff efficiency and develop their performance. Digital solutions have become, too, the fundamental pillars of the development of public administration, which is the central mechanism that serves citizens and catalyze the development at local level.
Algeria's efforts tend to pay attention to information technology and communication to be integrated with both public institutions and local administration. Thus, to develop the administrative functions, eliminate bureaucracy and improve services to citizens.
Key-Words: e-Management, Local administration, e-Government.
تمهيد:
مع التطورات التي شهدتها الاقتصاديات المختلفة أصبح تقديم الخدمات للمواطنين والسعي لزيادة الرفاهية من الجوانب ذات الأولوية في عمل أجهزة الحكومية في المجتمعات الحديثة، وبما أن الجماعات المحلية تتصدر الأجهزة الحكومية في علاقتها بالمواطنين وتقديم الخدمات الواجب تقديمها لهم، وفي ظل التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، والتي نتج عنها العديد من التحديات التي تواجه مختلف الأجهزة الحكومية أصبح من الصعب على هذه الأخيرة أن تعمل في الوقت الحاضر كما كانت تعمل في فترات سابقة، بل أصبح عليها أن تعمل على التكيف والتعامل مع التغيير والتطور السريع.
فالعمل الحكومي يتسم في كثير من الدول - من بينها الجزائر- بإجراءات روتينية طويلة، كما يتسم بالبيروقراطية وبالبطء الشديد في طريقة تقديم الخدمات للمواطنين، لذا لابد للجماعات المحلية من تبني واستخدام أحدث الأساليب الإدارية مواكبة للتطورات التقنية والتفاعل مع عصر الرقمنة، ومن بين تلك الأساليب أسلوب الإدارة الالكترونية الذي ظهر في الآونة الأخيرة كمصطلح معاصر نتيجة لتزايد استخدام الحاسب الآلي وشبكاته والثورة المعلوماتية بشكل عام.
ويشمل مفهوم الإدارة الإلكترونية نموذجا جديدا من التعاملات الحكومية كإعادة تعريف العلاقة بين الإدارة والمواطن وهي ليست دربا من دروب الرفاهية وإنما حتمية تفرضها المتغيرات العالمية، فالموضوع يحمل في ثناياه حرية تبادل المعلومات وتدفقها بين ركائز الحكومة من جهة وبين دوائر الحكومة والمواطنين من جهة أخرى، مما يؤدي إلى رفع كفاءة الإجراءات كتحسين الخدمة العمومية كتوفير الوقت والتكلفة، مما يساعد على تحقيق التنمية الإدارية كجزء من التنمية الشاملة.
والجزائر بدورها سعت إلى تطبيق الإدارة الالكترونية لاسيما من خلال تجسيدها لمشروع الحكومة الإلكترونية الذي يعتبر نقطة تحول كبير في مجال تطوير الخدمات العمومية ورغم العراقيل التي واجهت تطبيق هذا المشروع لاسيما من حيث انعدام الجاهزية الالكترونية في الجزائر، إلا أنه تم تطبيق الإدارة الإلكترونية في القطاعات المهمة مثل وزارة الداخلية التي تهدف إلى تفعيل جميع الآليات العصرية لتجسيد الإدارة الإلكترونية من خلال رقمنة السجلات الخاصة بالحالة المدنية وجواز السفر البيومتري وبطاقة التعريف البيومترية وغير ذلك من مظاهر تطبيق الإدارة الالكترونية.
ومن هنا جاء موضوع بحثنا ليجيب على الإشكالية التالية:
كيف يساهم تطبيق الإدارة الإلكترونية في الجماعات المحلية في تجسيد الحكومة الإلكترونية في الجزائر؟
وللإجابة على الإشكالية المطروحة والفرضيات إرتأينا تقسيم البحث إلى المحاور الآتية:
المحور الأول: ماهية الإدارة الالكترونية؛
المحور الثاني: معوقات تطبيق الإدارة الالكترونية؛
المحور الثالث: رقمنة الإدارة الجزائرية؛
المحور الرابع: تطبيقات الإدارة الإلكترونية في الجماعات المحلية بالجزائر.
المحور الأول: ماهية الإدارة الإلكترونية
لقد شهد العالم تحولات كبيرة في مختلف مجالات الحياة، وذلك نظرا للتطورات التكنولوجية المتسارعة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومع هذا التقدم العلمي والتقني والنمو الواضح في الثورة الالكترونية ظهرت الإدارة الالكترونية التي تجسد اتجاهًا جديدًا في الإدارة المعاصرة لكونها تسعى لتحويل المؤسسات إلى مؤسسات الكترونية تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إنجاز جميع أعمالها ومعاملاتها ووظائفها الإدارية .
أولا: مفهوم الإدارة الإلكترونية
يعتبر مفهوم الإدارة الالكترونية من المفاهيم الحديثة في علم الإدارة، وظهر نتيجة لتطورات كثيرة شهدها العالم المعاصر منذ الانتقال إلى مرحلة العمل الالكتروني بعيدا عن التعاملات الورقية فتناوله الباحثون في الإدارة عبر عدة تعريفات منها:
يعرف السالمي الإدارة الالكترونية على أنها: "عملية ميكنة جميع مهام ونشاطات المؤسسة الإدارية بالاعتماد على كافة تقنيات المعلومات الضرورية وصولا إلى تحقيق أهداف الإدارة الجديدة في تقليل استخدام الورق وتبسيط الإجراءات والقضاء على الروتين والإنجاز السريع والدقيق للمهام والمعاملات لتكون كل إدارة جاهزة للربط مع الحكومة الالكترونية لاحقًا".
ويعرفها نجم عبود بأنها:"إدارة موارد معلوماتية تعتمد على الأنترنت وشبكات الاتصال تميل أكثر من أي وقت مضى إلى تجريد وإخفاء الأشياء وما يرتبط بها إلى الحد الذي أصبح رأس المال المعرفي هو العامل الأكثر فعالية في تحقيق أهدافها والأكثر كفاءة في استخدام مواردها".
كما يمكن تعريفها بأنها: "تبادل غير ورقي لمعلومات العمليات وذلك باستخدام التبادل الالكتروني للبيانات أو هي استخدام كل الوسائل الالكترونية في إنجاز كل أعمال ومعاملات المؤسسة مثل استخدام البريد الالكتروني والتحويلات الالكترونية للأموال والتبادل الالكتروني للمستندات والفاكس والنشرات الالكترونية وأية وسائل الكترونية أخرى".
ويعرفها غنيم بأنها: "تنفيد كل الأعمال والمعاملات التي تتم بين طرفين أو اكثر سواء من الأفراد أو المنظمات من خلال استخدام شبكات الاتصالات الالكترونية".
في ضوء التعريفات السابقة نرى أن الإدارة الالكترونية: "هي استخدام كافة التقنيات الحديثة من نظم المعلومات وشبكات الحاسوب والاتصالات في تنفيذ المهام والأعمال الإدارية داخل المؤسسة، مما يؤدي إلى إنجازها بسهولة ويسر ودقة عالية وتعمل على توفير الوقت والجهد وتبسيط الإجراءات مع ضمان خصوصية وأمن المعلومات".
ثانيا: دوافع التحول إلى الإدارة الالكترونية
هناك الكثير من المبررات التي جعلت كثير من الدول والمؤسسات تتسارع في تطبيق الإدارة الإلكترونية في إداراتها، ومن بين أهم العوامل التي ساهمت في التحول نحو الإدارة الإلكترونية مايلي:
الإجراءات والعمليات المعقدة وأثرها على زيادة تكلفة الأعمال؛
القرارات والتوجيهات الفورية التي من شأنها إحداث عدم توازن في التطبيق؛
العجز عن توحيد البيانات على مستوى المؤسسة؛
صعوبة الوقوف على معدلات قياس الأداء؛
صعوبة توفير البيانات المتداولة للعاملين في المؤسسة؛
التطور السريع في أساليب وتقنيات الأعمال؛
حتمية تحقيق الاتصال المستمر بين العاملين على اتساع نطاق العمل.
ليس فقط ما سبق، بل هناك أسباب ودواعي كثيرة أدت إلى التوجه نحو تطبيق الإدارة الالكترونية منها: التقدم والتطور النوعي في تكنولوجيا المعلومات وتقنيات الحاسب الآلي، التقدم السريع في شبكة الأنترنت والاتصالات، العولمة والحاجة إلى تقليل كلفة الإجراءات الإدارية
ثالثا: مزايا الإدارة الالكترونية
إن اهتمام العالم المتقدم باستخدام تقنيات المعلومات الإدارية لم يأت من فراغ بل تأكد من تحقق العديد من المزايا عن ذلك مما أدى إلى تسابق العديد من الدول في تطبيق الإدارة الالكترونية في مؤسساتها ومن أهم هذه الفوائد:
تبسيط الإجراءات وهذا ينعكس إيجابيا على مستوى الخدمات التي تقدم إلى المواطنين؛
اختصار وقت تنفيذ وإنجاز المعاملات الإدارية المختلفة؛
الدقة والوضوح في العمليات الإدارية المختلفة داخل المؤسسة؛
تسهيل إجراء الاتصال بين دوائر المؤسسة المختلفة كذلك مع المؤسسات الأخرى داخل وخارج بلد المؤسسة؛
التقليل من استخدام الأوراق بشكل ملحوظ مما يعالج مشاكل عمليات الحفظ والتوثيق بشكل يؤدي إلى عدم الحاجة إلى أماكن للتخزين؛
تحويل الأيدي العاملة الزائدة عن الحاجة إلى أيد عاملة لها دور أساسي في تنفيذ هذه الإدارة عن طريق إعادة التأهيل لغرض مواكبة التطورات الجديدة والاستغناء عن الموظفين غير الأكفاء وغير القادرين على التكيف مع الوضع الجديد.
رابعا: خصائص الإدارة الالكترونية
تشير ممارسات الإدارة الالكترونية إلى إنجاز كل الأعمال والمعاملات بين أطراف التعامل من خلال وسيط الكتروني، بحيث يتم تداول البيانات والوثائق الكترونيًا وذلك من خلال استخدام الاتصالات الالكترونية مما يشير إلى انتفاء وعدم وجود العلاقة المباشرة بين أطراف التعامل وذلك يعد سمة أساسية تميز أعمال الإدارة الالكترونية، كما تتم معالجة كل المشكلات الذي يواجهها العملاء باستخدام الكمبيوتر عبر المسافات البعيدة، فيتم غالبًا استبعاد الكثير من الأصول المادية والبشرية، أو التقليل من استخدامها إلى أقل قدر ممكن.
ومن خصائص الإدارة الالكترونية أيضًا:
إدارة بلا أوراق: حيث تتكون من الأرشيف الالكتروني والبريد الالكتروني والأدلة والمفكرات الالكترونية والرسائل الصوتية ونظم تطبيقات المتابعة الآلية؛
إدارة بلا مكان: وتعتمد أساسًا على الهاتف المحمول والعمل عن بعد؛
إدارة بلا زمان: تستمر 24 ساعة متواصلة ففكرة الليل والنهار والصيف والشتاء هي أفكار لم يعد لها مكان في العالم الجديد؛
إدارة بلا تنظيمات جامدة: فهي تعمل من خلال المؤسسات الشبكية والمؤسسات التي تعتمد على صناعة المعرفة.
المحور الثاني: معوقات تطبيق الإدارة الإلكترونية
هناك العديد من العوامل التي تعيق تطبيق الإدارة الالكترونية وهوما سنحاول حصره في النقاط التالية:
أولا: المعوقات الإدارية
بالرغم من أن بعض المؤسسات أعادت هيكلة نفسها بطرق مبتكرة لتتماشى مع التطورات في العصر الرقمي إلا أن الفعالية العظمى منها ما زالت تعتمد على الهياكل الهرمة التقليدية والتي تقف في وجه في تطبيق التقنيات الحديثة، والاستفادة من معطياتها في تطوير منظماتها مما أدى إلى وجود معوقات جديدة قد تعرقل الدخول نحو الإدارة الإلكترونية ومن أهمها نقص التمويل والكفاءات البشرية، ومن أبرز المعوقات الإدارية نجد:
الرؤية والهدف: إن معرفة الرؤية مهمة خصوصا عندما تكون المنظمة في حالة انتقالية، فالعاملين بحاجة إلى معرفة الأهداف الرئيسية للمنظمة خصوصا رسالتها ورؤيتها، لأن لذلك تأثير بالغ على المنظمة حاضرا ومستقبلا.
التخطيط: بالرغم من أهمية التخطيط وما يحققه من مزايا للمؤسسات، إلا أن معظم المؤسسات تعاني من العشوائية في التخطيط وعدم الاعتماد على خطط واستراتيجيات محكمة تساعدها على مواجهة التحديات والتغيرات المتسارعة في جميع المجالات واستيعاب التكنولوجية الحديثة ، ويشترط أن يكون هناك تخطيط استراتيجي لتكنولوجيا المعلومات في المؤسسات لكي تتمكن من تطوير ميزتها التنافسية والحفاظ على مركزها ولتحقيق هذا الهدف يجب أن تقوم المؤسسات بالتفكير الإبداعي ويتضمن ذلك بيئة العمل الحالية وأهداف واستراتيجيات المؤسسة، وفهم قدرات النظام الحالي والتطلع لكيف يمكن لنظم المعلومات أن تنتج مميزات مستقبلية للمؤسسة.
ثانيا: المعوقات التقنية
إن ضعف البنية الأساسية لنظم المعلومات والاتصالات وضعف كفاءتها التشغيلية من أهم المعوقات التي تواجه المنظمات ذات البيئة الإلكترونية بالإضافة إلى مجموعة من المعوقات التقنية الأخرى التي تعيق الاستفادة من تطبيقات الإدارة الإلكترونية، وقد حددت فيما يلي:
عدم وجود بنية تحتية متكاملة على مستوى الدولة مما يعرقل تطبيق الإدارة الإلكترونية في مؤسساتها؛
اختلاف القياس والمواصفات بالأجهزة المستخدمة داخل المكتب الواحد مما يشكل صعوبة بالربط فيما بينها؛
عدم وجود وعي حاسوبي ومعلوماتي عند بعض الإداريين؛
ارتفاع كلفة الاشتراك أحيانا؛
معوق اللغة، خاصة وأن معظم الموارد والمعلومات الموجودة على الشبكة هي باللغة الإنجليزية.
ثالثا: المعوقات الديمغرافية
تتمثل التغييرات الديموغرافية في زيادة القوى العاملة الشابة على وجه الخصوص، نظرا للتركيب العمري الفتي مع ارتفاع في مستوى التعليم والمهارات بين القوى العاملة، ونتيجة لهذه التغييرات الديموغرافية ستزداد الضغوط على إدارات الموارد البشرية من أجل التعامل مع معضلة توفير فرص العمل للمؤهلين وإيجاد فرص لترقية في مسارات وخطوط معينة.
رابعا: المعوقات الاجتماعية
ستنشأ هذه التحديات نتيجة التغيرات التي ستطرأ على النظرة الاجتماعية نحوالعديد من الظواهر والمفاهيم في شتى أطر الحياة بشكل عام، والنظرة نحو العمل بشكل خاص، ويحتم ذلك العمل على التكيف مع هذه التغيرات وإلا ازدادت حدة المشكلات التي تواجهها الموارد البشرية وصياغة استراتيجيات إدارة الموارد البشرية لتناسب الاختلاف في نظم الاتجاهات الاجتماعية.
المحور الثالث: رقمنة الإدارة الجزائرية
توجهت الجزائر مع بداية الألفية الثالثة، في إطار الإصلاحات الإدارية بالدخول التدريجي في عصر المعلومات، قصد ترقية وظائف المؤسسات الحكومية، ومنظمات الخدمة العمومية، وتبنت إحداث سلسلة من التغييرات على وظائفها التقليدية في ظل التحول نحو استخدام تكنولوجيا المعلومات ضمن أنشطتها الخدمية بغية التجسيد الفعلي للتحول نحو مفهوم الحكومة الإلكترونية في سبيل ترشيد الخدمة العمومية .
في هذا السياق، حاولت العديد من القطاعات العمومية الشروع في تطبيقات الخدمة العامة الالكترونية، ويعد قطاع البريد والمواصلات أولى القطاعات الخدمية التي شملتها عمليات الرقمنة، قبل أن تتبعها قطاعات أخرى وذلك ما سنتناوله وفق الآتي:
أولا: قطاع البريد والمواصلات
في إطار تنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية، شرعت وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال في عدة مشاريع بالتعاون مع الوزارات الأخرى، تتمحور هذه المشاريع أساسا حول:
-
تصميم وتطوير بوابة المواطن: في سنة 2011، أطلقت وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال على الانترنت بوابة المواطن "El Mouwatine"، من أجل السماح للمواطنين بامتلاك نفاذ مباشر وواضح إلى مجمل الإجراءات الإدارية وقائمة الخدمات التي تقدمها الإدارة وإلى كل المعلومات التي من شأنها أن تكون مفيدة له، ونظرا للعدد الكبير من المعلومات الواردة في هذه البوابة، فقد أصبح من الضروري إعادة النظر في طريقة عرض هذه المعلومات، وفي هذا الصدد فقد تقرر إعادة التفكير في تقديم البوابة وهذا بعرض المعلومات بالنظر إلى وجهة نظر المواطن لا الإدارة.
تطوير ووضع موقع انترنت مخصص للإجراءات الإدارية المتعلقة بإنشاء مؤسسة في الجزائر: يهدف هذا المشروع الذي تم إطلاقه في عام 2015 بالتعاون مع القطاعات الوزارية المعنية، إلى تسهيل إجراءات إنشاء مؤسسة في الجزائر وتحسينها وجعلها أكثر ليونة، وذلك لتحسين مناخ الأعمال وجعل الاقتصاد الوطني أكثر جاذبية، يتمثل هذا المشروع في وضع بوابة انترنت تحتوي على مخطط إنشاء مؤسسة منذ أول خطوة إلى آخرها، مرحلة بمرحلة، وكذا من وجهة نظر المقاول، تتمثل هذه الخطة في ملأ استمارة واحدة عبر الانترنت، والتي ستستعمل فيما بعد من قبل جميع الأطراف المعنية (الموثقين، المركز الوطني للسجل التجاري، الإدارة الجبائية وصندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء) للتمكن من منح السجل التجاري ورقم التعريف الضريبي والانخراط في الضمان الاجتماعي.
نشر مشروع الطب عن بعد: يتمثل هذا المشروع الذي تم إنهاءه في جويلية 2015، في ربط 5 مراكز استشفائية جامعية و 12 مؤسسة عمومية استشفائية من أجل التمكين من الوصول إلى خدمات العلاج والتداوي عن بعد، بدءا من مجرد تحويل الملفات الطبية، ووصولا إلى الفحص عن بعد، كما سيسمح هذا المشروع بتقديم خدمات الإعانة والخبرة والتكوين عن بعد، وهذا ما سيجنب تنقل المرضى من مستشفى لآخر لمجرد فحص أو استشارة طبيب مختص.
تطبيق التصديق الإلكتروني: لكونه يمثل أساس الثقة لكافة الإدارات الإلكترونية، فإن التصديق الإلكتروني يجب أن يسبق كل عملية إخلاء من الوثائق الرسمية و/أو القيام بالإجراءات عن بعد، لهذا الغرض صادق المشرع الجزائري على القانون 15-04 المؤرخ في أول فبراير سنة 2015 والمحدد للقواعد العامة المتعلقة بالتصديق والتوقيع الإلكترونيين، يخول هذا القانون لوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال تنفيذ سلطة التصديق الإلكتروني بالفرع الحكومي كما تكلف هذه السلطة بتأطير طرف الثقة الآخر (مقدمو خدمات التصديق الإلكتروني لحساب مؤسسات حكومية) وإصدار المصادقات الإلكترونية المستعملة من طرف الفاعلين في الفرع الحكومي.
ثانيا: قطاع العدالة
عرف قطاع العدالة في الجزائر قفزة نوعية في مجال تحسين الخدمة العمومية من خلال عمليات العصرنة التي شملته، حيث يعد نظام الإمضاء والتصديق الإلكتروني للوثائق القضائية بمثابة ثورة حقيقية في مجال القضاء وتحسين الخدمة العمومية للمواطن، الذي أصبح في إمكانه الحصول على شهادة الجنسية وشهادة السوابق العدلية عبر البريد الإلكتروني فقط.
من ضمن الإنجازات المحققة ضمن مشروع عصرنة قطاع العدالة:
انجاز أرضية أنترنيت منذ نوفمبر 2003 وإنشاء موقع الكتروني لوزارة العدل.
إنشاء بوابة القانون.
إنشاء مركز وطني للسوابق العدلية تم استلامه في 06 فيفري 2004.
إنشاء نظام تسيير ومتابعة الملفات القضائية.
إنشاء نظام تسيير ومتابعة المساجين.
إنشاء نظام تسيير أوامر القبض.
رقمنة الأرشيف القضائي.
ثالثا: القطاع المصرفي
عرف القطاع البنكي في الجزائر قفزة نوعية في إطار عصرنة الخدمات المالية والانتقال من التعاملات الكلاسيكية إلى التعاملات الالكترونية والرقمية التي تتبع أحدث الوسائل وأسرع الطرق وتواكب التطور التكنولوجي والآلي فيما يتعلق بعمليات صرف وإيداع وسحب وتحويل الأموال، وإن كانت حركة التقدم وسرعة انتشارها بطيئة بين زبائن البنوك إلا أن التقنيات والبرمجيات التي طبقت والتي في طريقها للتطبيق من أجل ضمان خدمة أرقى تتماشى مع متطلبات الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيات الحديثة التي من شأنها أن تحقق الهدف المنشود وهو رقمنة المؤسسات المصرفية وتطوير التعاملات وتحريرها من مواعيد الإدارة ونطرح في هذا الصدد أهم التطورات التي عرفتها أنظمة الدفع والتبادلات المصرفية انطلاقا من البطاقة المصرفية الالكترونية إلى بطاقات الائتمان الممغنطة الأخرى على غرار بطاقة فيزا وغيرها من البرمجيات التي أعطت للبنك الجزائري مكانة بارزة، إلا أنه تبقى المنظومة البنكية الجزائرية من الأنظمة المتأخرة على الصعيد الدولي والإقليمي، بالنظر إلى التخلف وبطء وتيرة المعاملات المالية، تحت ذريعة إضفاء حماية مالية أكبر للتحويلات، والمحافظة على ممتلكات الزبائن الخواص والشركات.
رابعا: قطاع الضرائب
باعتبارها طرف معني في القطاع المالي، باشرت إدارة الضرائب في ورشة للعصرنة على نطاق واسع تهدف إلى إعادة هيكلة مصالحها وتبسيط إجراءاتها وتحسين أدائها.
وعلى هذا الصعيد، وضعت المديرية العامة للضرائب تنفيذ نظام معلوماتي ناجع كأحد أولوياتها الأساسية بالاعتماد على تكنولوجيات مبتكرة والارتكاز على إجراءات مبسطة من شأنها أن تسمح بتحسين الفعالية والشفافية ونوعية خدماتها.
يتم توجيه استراتيجياتها في هذا المجال بأهداف واضحة تتمحور حول رقمنة جميع العمليات الجبائية وكذا التشغيل الآلي لجميع إجراءات معالجة المعطيات ذات الصلة بفرض الضريبة والتحصيل والرقابة والمنازعات، تسعى المديرية العامة للضرائب من خلال هذا المشروع إلى إنشاء إدارة الكترونية ترتكز على استعمال التقنيات الجديدة للمعلومات والاتصال كأداة عمل وتقارب بين الإدارة الجبائية ومحيطها، تلعب هذه التكنولوجيات دورا ضروريا في هذا الانتقال.
يمثل تجسيد الإدارة الالكترونية بالنسبة للمديرية العامة للضرائب رهان كبير، وفي هذا الصدد، فهي مدعوة إلى مضاعفة جهودها على نطاق واسع وإثبات فعاليتها وكفاءتها لتكون في مستوى التحديات المرفوعة.
المحور الرابع: تطبيقات الإدارة الإلكترونية في الجماعات المحلية بالجزائر
إن الجزائر ومنذ استقلالها تبنت نظام الجماعات المحلية كنمط تنظيمي وإداري للقيام بتنمية اقتصادية محلية تهدف من خلاله إلى تحقيق وتطبيق برامج تنموية ضمن المخططات الوطنية وهذا ما يقودنا إلى التعرض لمفهوم هذا النظام ودوره في تحقيق تنمية اقتصادية محلية.
تعد الجماعات المحلية جزءا من النظام الإداري للدولة، فهي الخلية الأساسية لإدارة التنمية المحلية وتعرف على أنها هيئة مستقلة إداريًا وماليًا عن الحكومة المركزية، كما أنها عبارة عن وحدة جغرافية مقسمة من إقليم الدولة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي.
تعد البلديات القاعدة الأساسية اللامركزية الإدارية، حيث أن البلدية تلعب دور كبير في مجال التنمية حيث أصبح من الصعب الحديث عن البلدية دون التنمية أو عن هذه الأخيرة دون البلدية، ويدخل تحت صلاحيتها كل الأعمال المدنية التي تتعلق بحياة ومعيشة السكان والمواطنين بما في ذلك الأرياف والقرى، ويعرفها القانون 08-99 بأنها الجماعة الإقليمية الأساسية وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتحدث بموجب قانون كما تتمتع بإقليم وإسم ومركز.
الإدارة الإلكترونية رهان الدولة تسعى لتحقيقه لتمكين المواطنين من مستو عال للخدمة الإدارية الذهاب نحو حكومة إلكترونية وتحسين الخدمة العمومية للقضاء على البيروقراطية الإدارية.
وفي هذا السياق، وزارة الداخلية اتخذت عديد الإجراءات في سبيل تقديم خدمة عمومية نوعية للمواطنين، الذين أصبح بإمكانهم استخراج جميع الوثائق المتعلقة بالحالة المدنية من أقرب بلدية ممكنة بغضّ النظر عن البلدية التي وُلدوا فيها، زيادة على بطاقات التعريف وجوازات السفر البيومترية، وهذه العملية استأصلت الطوابير التي كانت تشهدها الدوائر والبلديات على حد سواء.
ولا أحد ينكر أن وزارة الداخلية كانت من أكثر القطاعات التي سارعت بتوسع في تطبيق الإدارة الالكترونية من خلال تنفيذها لعدة مشاريع في هذا الإطار والتي تتمثل خاصة في:
أولا: رقمنة مصلحة الحالة المدنية
ويتمثل في إنشاء تطبيق على الويب يسمح بإدخال البيانات الخاصة بالمواطن الجزائري من عقود ووثائق الحالة المدنية على قاعدة بيانات متطورة متواجدة على أجهزة رئيسية وحفظها ليتم استرجاعها لاحقا سواء بهدف الحصول على معلومات دقيقة بواسطة بحث يجريه موظف البلدية، أو من أجل تمكين ضابط الحالة المدنية من عرض نسخ الكترونية على شبكة الانترنت لوثائق وعقود الحالة المدنية الخاصة بالمواطن ليتمكن من حفظها أو طباعتها.
وكانت أول بلدية طبق فيها مشروع رقمنة مصلحة الحالة المدنية في ولاية باتنة بتاريخ 4 مارس سنة 2010، وأصدرت أول شهادة ميلاد رقم 12 في بضع ثوان على مستوى الشباك الالكتروني، وهي تقنية تجسد أيضا إمكانية إعداد وتسليم الوثائق على مستوى فروع البلدية الواحدة دون أن يضطر المواطن للتنقل والسفر للمركز الرئيسي للحالة المدنية، وتستطيع أيضا إصدار في نفس الظروف شهادات الزواج والوفاة ثم السعي في ما بعد إلى تمديد العملية إلى كافة الوثائق.
ثانيا: جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين
في إطار تنظيم العمل بجواز السفر البيومتري وكذلك بطاقة التعريف البيومترية أصدرت وزارة الداخلية ممثلة في شخص الوزير عدة قرارات نذكر من بينها :
قرار مؤرّخ في 17 أكتوبر سنة 2010، يحدد المواصفات التقنية لمستخرج عقد الميلاد الخاص باستصدار بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر البيومتري.
قرار مؤرّخ في 26 ديسمبر سنة 2012، يحدد تاريخ بداية تداول جواز السفر الوطني البيومتري الإلكتروني.
أما من الناحية التطبيقية فقد أعلنت وزارة الداخلية والجماعات المحلية في 28 ديسمبر 2010 عن إطلاق المرحلة الأولى بإصدار جواز السفر البيومتري الالكتروني بداية من 12 جانفي 2012 على مستوى 45 دائرة بعواصم الولايات وبالمقاطعة الإدارية لحسين داي بالجزائر بالعاصمة وأضاف ذات المصدر أن هذه الدوائر تم تعيينها كمواقع نموذجية للشروع في هذه العملية والتي عممت فيما بعد تدريجيا على جميع المقاطعات والدوائر.
ويهدف مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين إلى عصرنة وثائق الهوية والسفر حيث أصبحت بطاقة التعريف الوطنية البيومترية والالكترونية وثيقة مؤمنة تماما ذات شكل أكثر مرونة تضمن للمواطنين القيام بمختلف الإجراءات اليومية.
وفي ما يتعلق بجواز السفر الالكتروني البيومتري فهو وثيقة هوية سفر مؤمنة قابلة للقراءة آليا ويكون مطابقا للمعايير المطبقة من طرف المنظمة الدولية للطيران المدني.
ومن جهتها أصدرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية في العدد 31 من الجريدة الرسمية لسنة 2011 قرارا وقعه الوزير يضبط قائمة الوثائق الخاصة بملف بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر البيومتريين، والجديد فيه أنه بالإمكان تحميل الاستمارة من موقع وزارة الداخلية على شبكة الانترنت وإرسالها عن طريق البريد الالكتروني في خطوة مهمة لتجسيد مشروع الجزائر الالكترونية وتعميم استعمال الوسائط الالكترونية في المعاملات الإدارية.
وبصفة إجمالية، فإن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية، تصب في مصب تطوير تطبيقات الإدارة الإلكترونية ومحاربة كل أشكال البيروقراطية التي تعرقل حصول المواطن على الوثائق الإدارية في الوقت المناسب، وتشمل هذه الإجراءات:
إعفاء المواطن من تقديم وثائق الحالة المدنية المتوفرة ضمن السجل الوطني الآلي للحالة المدنية؛
تمديد مدة صلاحية جواز السفر البيومتري من 5 إلى 10 سنوات؛
تقليص عدد الوثائق الإدارية الصادرة عن مصالح الحالة المدنية من 29 إلى 14 وثيقة؛
إلغاء شرط المصادقة على نسخ الوثائق الأصلية المسلمة من طرف الإدارات العمومية؛
تمديد أجل صلاحية عقد الميلاد إلى عشر سنوات بعد ما كان سنة واحدة من قبل؛
إلغاء تحديد أجل صلاحية شهادة الوفاة بعدما كان سنة واحدة من قبل؛
تكفل البلديات بالتنسيق مع السلطات القضائية المختصة بطلبات المواطنين الراغبين في تصحيح الأخطاء المكتشفة في وثائق الحالة المدنية الخاصة بهم، والقيام بإجراءات تصحيحها عوضا عنهم، وبالتالي تخليص المواطنين من عناء التنقل بين البلدية والمحكمة؛
تمديد أجل التصريح بالولادات والوفيات بالنسبة للمواطنين القاطنين بالجنوب إلى 20 يوما بدلا من يوم واحد.
ثالثا: البلدية الذكية
من أجل تجسيد حلم "البلدية الذكية"، هذا الأخير الذي يعد مسعى وزارة الداخلية تعمل على إنشائه وتعميمه على كافة ولايات الوطن في أسرع وقت ممكن بعد جعل بعض بلديات العاصمة كبلديات نموذجية لهذا المشروع، والجدير بالذكر أن هذه الخطوة قد شرع في تجسيدها خلال الأشهر الماضية عبر توفير كافة الوسائل التكنولوجية واللوجستية اللازمة في عملية الاتصال والتواصل بين الإدارة والمواطن لإنشاء نظام الإدارة الإلكترونية، ومنه ضمان توفر قنوات الاتصال من حواسيب وهواتف وشبكة أنترنت عالية التدفق قادرة على نقل البيانات بشكل متبادل بين المصالح الإدارية والمواطن، وهي المهام التي أوكلت للجنة الاتصال وتكنولوجيات الإعلام التابعة لولاية الجزائر، هذه الأخيرة تقوم بالتنسيق مع الوزارة الوصية بتنفيذ كافة المشاريع التي تمّ الإعداد لها في إطار مخطط العصرنة.
حلم "البلدية الذكية" وتحسين خدمات الإدارة العمومية ببعض بلديات ومقرات الإدارة يواجه عدة عقبات تحول دون إنجازه على أرض الواقع، فالزائر لبعض مقرات بلديات العاصمة يلحظ جليا أن هذه الأخيرة تعاني ضيقا شديدا في مقراتها، والتي لا تستوعب حتى المواطنين الذين يقصدونها لاستخراج الوثائق اللازمة بالإضافة إلى غياب الكفاءة المهنية لدى بعض الموظفين، كما أن العديد من مقرات البلدية تفتقر إلى الربط بشبكة الإنترنيت أو انقطاعها بشكل متكرر، كل هذا يحول دون تحقيق مسعى اللّجنة الولائية للاتصال وتكنولوجيات الإعلام للبرنامج التكنولوجي، هذا الأخير الذي يهدف إلى جعل عاصمة البلاد ترقى بمقراتها وخدماتها لما هو أفضل، خاصة وأن هناك العديد من الإجراءات التي اتخذتها الوصاية لرقمنة البلديات حيث بات ممكنا للمواطن استخراج وثائقه بسهولة، بالإضافة إلى إلحاق خدمة استخراج الوثائق البيومترية بها بعد أن كانت حكرا على الدوائر الإدارية.
وبحديثنا على المواقع الالكترونية التي من المفروض توفرها في كامل البلديات، نجد أن 80 بالمائة من البلديات لا تملك موقعا الكترونيا، أما البلديات التي تملكه، فتعد على الأصابع وشكلي فقط، فمن بين57 بلدية أربع أو خمس بلديات فقط تملك موقعا باستثناء بعض المبادرات الشخصية التي يقوم بها بعض الشباب لنشر بعض المستجدات والانشغالات ببلدياتهم، وحتى إن توفرت الشبكة في بلديات أخرى، إلا أن مسؤوليها لم يكلفوا أنفسهم عناء تزويدها بمواقع إلكترونية لإيصال كافة المعلومات للمواطن والتواصل المباشر معه، والتكفل الأفضل بانشغالاته في أقل وقت ممكن، حيث يبقى المواطن رهينة أساليب الاتصال التقليدية، التي تضطره إلى التنقل إلى مقر البلدية لطرح انشغاله على رئيس البلدية، الذي لا يحظى في أغلبية الأحيان باستقباله، خاصة إذا لم تكن الزيارة خلال يوم الاستقبال.
يستلزم تنفيذ برنامج "البلدية الذكية"، حسب ما كشف عنه رئيس لجنة الاتصال وتكنولوجيات الإعلام بالمجلس الشعبي الولائي لولاية الجزائر مجموعة من الخصائص والمقومات التي جاء في مقدمتها توديع عهد الأوراق واستبدالها بالحواسيب الآلية وتوفر الإدارة على الأرشيف الالكتروني والبريد والمفكرات الالكترونية ونظم تطبيقات المتابعة الآلية، بالإضافة إلى التخلص من محدودية الزمن والمكان بحفظ جميع هذه الخدمات على الوسائل التكنولوجية الحديثة، ناهيك عن التخلص من النظم الإدارية الروتينية الجامدة وكذا الرقي بالعلاقة الرابطة بين الإدارة والمواطن بتبسيط إجراءاتها الإدارية وتعزيز الشفافية لتخفيض حدة النزاعات الناشبة بين الطرفين في الإدارة الكلاسيكية، ولترتقي بالخدمة إلى مستوى العالم الرقمي الذي أضحى يرسم معالم العواصم الدولية، لابد أن يعتمد البرنامج بالدرجة الأولى على تطبيق تكنولوجيات الإعلام في الإدارة العمومية، عن طريق خلق قاعدة بيانية خاصة بالبلدية تحتوي على جميع المشاريع ومشاكل البلديات، هذه الأخيرة توصل بمقاطعاتها الإدارية عن طريق شبكة الألياف البصرية، ليتم بعد ذلك ربطهما بالولاية، العملية تمس كامل بلديات العاصمة الـ57، التي تكون قد زودت بموقع الكتروني محمي، للتواصل مع المواطنين بكل سهولة، حيث يستطيع أي مواطن تصفح هذه الأخيرة ومعرفة كامل المشاريع الآنية وحتى نسبة إنجازها أو أسباب تعطلها، في ظرف ثواني معدودة، وهذا وفقا للإطار القانوني والتنظيمي المعد من طرف الحكومة وفقا لمجموعة من التنظيمات والقوانين التي تنظم مختلف العمليات المرتبطة بالإدارة الإلكترونية كالتوقيع الالكتروني والإقرار والتصديق الالكترونيين، والتبادل وآليات حماية الإدارة الإلكترونية من الجرائم المعلوماتية، إلى جانب توفير الموارد البشرية المؤهلة من طاقات تمتلك معرفة بالمجال المعلوماتي على غرار المبرمجين، موظفي الشبكات، الصيانة، التأمين والحماية وغيرها، وكذا توفير جميع الوسائل التكنولوجية واللوجيستيكية اللازمة لإنجاح المشروع.
رابعا: بعض تطبيقات الإدارة الإلكترونية في الجماعات المحلية
بادرت الحكومة، بفضل استخدام تطبيقات الإدارة الإلكترونية في الجماعات المحلية إلى:
إزالة شهادة الميلاد الخاصة من ملف الحيازة على بطاقة التعريف الوطنية، واستبدالها بشهادة الميلاد العادية رقم 12؛
التقليص من مدة دراسة ملفات الحيازة على البطاقة الرمادية إلى يوم واحد في الحالات العادية، وإلى 21 يوما في حالات بيع السيارات ما بين الولايات؛
حذف شهادة الجنسية الجزائرية من ملفات تجديد بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر؛
تخفيف ملف تجديد رخصة السياقة إلى صورتين شمسيتين، شهادة طبية، طابع ضريبي ورخصة السياقة القديمة؛
لأول مرة في الجزائر، التسجيلات الخاصة بقرعة الحج لموسم 2016 عبر موقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية عن طريق الانترنت على أن تكونة القرعة إلكترونية سنة 2017؛.
تسليم أولى بطاقات التعريف الوطنية البيومترية الإلكترونية، يوم السبت 30 جانفي 2016، بالجزائر العاصمة لمجموعة رمزية من الصحافيين والأئمة والفنانين والتلاميذ المترشحين لامتحان البكالوريا 2016 قبل أن توسع العملية إلى بقية المواطنين، حيث تقرر استصدار، بطاقات التعريف البيومترية الخاصة بالتلاميذ المقبلين على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا في المرحلة الأولى وستوسع العملية إلى باقي شرائح المجتمع باستعمال المعطيات الخاصة بالمواطنين التي بحوزة المركز الوطني لإنتاج السندات والوثائق المؤمنة، لإعداد بطاقاتهم وسيتم الاتصال بهم بصفة تدريجية عن طريق الرسائل القصيرة حتى يتسلموها.
إن عصرنة الإدارة تحمل أبعادا اقتصادية، حيث أن الأموال الهائلة التي كانت تخصص سابقا لاقتناء الورق يمكن أن توظف لجوانب أخرى يحتاجها المواطن في مجال التنمية، فالإدارة الإلكترونية وتعميمها في البلديات أصبح ضرورة لا مهرب منها، وسيكون لها أثر إيجابي على حياة المواطن وعلى مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، لاسيما في ظل التطورات التكنولوجية الهائلة والسريعة التي يشهدها العالم، لأن هذا التوجه بات ضروريا لتهيئة الظروف لبناء إدارة جزائرية قوية.
إن الهدف المتوخى من عصرنة ورقمنة البلديات هو الوصول إلى إدارة إلكترونية، إلى جانب تسهيل حصول المواطن على وثائقه في وقت زمني وجيز، وبالمقابل لابد أن يكون المتعاملون والمواطنون قادرين على استخدام التقنيات الحديثة حتى يتجسد مشروع البلدية الالكترونية.
خاتمة:
نخلص إلى القول إن كثيراً من الدول في العالم قد وصلت إلى قناعة لم تعد قابلة للتراجع عنها بأن التحول إلى أسلوب الإدارة الإلكترونية وتطبيقها بشكل فاعل هو الإنجاز الأهم الذي يمكن أن تحققه تلك الدول وبذلك اندفعت الجهات الإدارية إلى الاستفادة من تطبيقات التقنية نظراً إلى الفوائد الملموسة على أرض الواقع لاسيما من حيث مساهمتها الكبيرة في تحسين تقديم الخدمة العمومية والارتقاء بجودتها وهو ما انتهجته الجزائر في سياستها الرامية إلى تطبيق الإدارة الالكترونية وتعميم ذلك على كل القطاعات التي من بينها قطاع وزارة الداخلية الذي تأكد من خلاله أهمية الإدارة الالكترونية وضرورتها للرفع من مستوى جودة الخدمة العمومية لاسيما مع نجاح مشروع رقمنة سجلات الحالة المدنية وجواز السفر البيومتري وبطاقة التعريف البيومترية.
إن الثورة المعلوماتية بكافة أشكالها وتطبيقاتها، فرضت أمام البلديات تحديات كبرى، لذلك لابد من تنسيق الجهود والمبادرات المتفرقة لمناقشة تلك التحديات والعقبات التي قد تنشأ وإيجاد الحلول المناسبة وتحديد رؤية مستقبلية وخطوات محددة لضمان نجاح تطبيق الإدارة الإلكترونية، ونشر الوعي الإلكتروني والاستفادة من تجارب الدول الناجحة والمتميزة في مجال التكنولوجيا، مع مواكبة التطورات التي يشهدها العالم في هذا المجال.
فمن خلال هذه الدراسة، أدركنا تماما أن إرادة التغيير والإيمان به أسبق من الإمكانيات المتاحة، فكثيرا ما تكون الموارد متاحة ولكن مقاومة التغيير تحول دون تحقيق الأهداف وربما هذا ما ينطبق على واقع الجماعات المحلية في الجزائر غير أن ذلك لا يعني مطلقا التشكيك في النوايا أو الإنقاص من الجهود المبذولة.
في ضوء ما تطرقنا إليه توصلنا إلى النتائج الآتية:
الخطوة الأولى في أي مبادرة يجب أن تبدأ بقراءة الواقع قراءة تحليلية واستكشاف الأفاق التي تنطلق من تسخير نقاط القوة واستغلال الفرص وتجنب نقاط الضعف أو بالأحرى مواجهة مختلف التحديات؛
يوجد حاليا سوقان متوازيان أحدهما تقليدي والأخر الكتروني ولكن الأمر لن يبقى هكذا فان الكفة باتجاه ترجيح الإدارة الالكترونية على الإدارة التقليدية؛
إدخال التقنيات الرقمية التي أفرزتها التطورات المتلاحقة لتكنولوجيات المعلومات والاتصال في مختلف المجالات أحدث الفارق وغير أنظمة التسيير ونقل طرق إنجاز الأعمال من الشكل التقليدي إلى الشكل الالكتروني، فتحول الاقتصاد الكلاسيكي إلى الاقتصاد الرقمي والإدارة التقليدية إلى الإدارة الالكترونية فساهم ذلك في تحسين نوعية الخدمات المقدمة وسرعة إنجازها مع إمكانية إتاحتها للجميع في مناخ يكرس الشفافية ويحارب البيروقراطية؛
ضرورة التسريع برسم خطط وبرامج من شأنها أن تساعد البلديات على ضرورة التجاوب السريع مع المتغيرات الحديثة لخلق بيئة تكنولوجية من جهة والحصول على دعم سياسية من قبل الدول للسعي وراء اكتساب مبادئ الإدارة الالكترونية للوصول إلى التأقلم السريع؛
الإدارة الالكترونية هي الأفضل في الاستجابة لمتطلبات الإدارة في الألفية الجديدة للعصر الرقمي خاصة عندما أظهرت الأعمال الإدارية التقليدية عجزها وعدم قدرتها على القيام بذلك.
في ضوء النتائج التي تم التوصل إليها فاننا تقترح التوصيات التالية:
إن تفهم المواطن لواجباته ولحقوقه تجاه البلدية، يمكن أن يخفف من حدة انتقاد المواطن للبلدية في عدم اكتمال تقديمها للخدمات التي يطلبها، ولعل وسية الوصول لهذا التفهم تكون بندوات عامة وحوار مع المواطن وما يصاحب ذلك من نشرات تعريفية؛
أن تمد البلدية يدها إلى الجامعة من أجل التوعية بالمشكلة من جميع أطرافها ثم البحث مع المواطن عن حلول لتلك المشكلة؛
ضرورة تبني المنظمات لاستراتيجيات التكوين والتأهيل وتعزيز البنى التحتية للإدارة الالكترونية ومحاولة الاستفادة من تطبيقاتها في تحسين أداء البلدية؛
زيادة مهارات اللغة الانجليزية لدى بعض الموظفين، وتكثيف جهود التعريب لكافة البرامج والتطبيقات الحاسوبية؛
وضع سياسات قانونية شاملة تشجع التعاملات الالكترونية، وتوفر لها الحماية ضد الاختراق، هجمات القرصنة وسوء الاستخدام، تضمن سرية المعلومات؛ي
ضرورة الاطلاع على تجارب منظمات ناجحة في تطبيق الإدارة الالكترونية وإدارة مخاطرها ومحاولة استخراج نقاط القوة منها ومعرفة كيفية الاستفادة منها؛
ضرورة زيادة الاهتمام من قبل الإدارة العليا بتهيئة الموظفين نفسيًا ومعنويًا على استخدام الإدارة الالكترونية وذلك بزيادة التدريب والعمل على زيادة الوعي بمزايا الإدارة الالكترونية وتوفير الأمن الوظيفي للعاملين من خلال التأكيد للعاملين على أن تطبيق الإدارة الالكترونية لا يمثل بأي حال من الأحوال بديلا عنهم بل تعد مكملا لهم في إنجاز العمليات الإدارية بكفاءة عالية؛
تهيئة بيئة العمل الصالحة لتطبيق الإدارة الإلكترونية من خلال السعي إلى توفير متطلبات التطبيق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق