السبت، 6 يناير 2018

الباحث سايح جبور علي | الدور الرقابي للجان المحلية للصفقات العمومية في ظل المرسوم الرئاسي الجديد 15-247 - اللجنة البلدية نموذجا

ضع اعلانك هنا
  من تقديم: سايح جبور علي
أمين عام بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف
طالب دكتوراه بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف
 مداخلة قدمت في الملتقى الوطني الأول حول "التسيير المحلي بين إشكاليات التمويل وترشيد قرارات التنمية المحلية - البلديات نموذجا" - جامعة 8 ماي 1945 بقالمة

      

             تمهيد:
        لقد إعتنى المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المؤرخ في 16 سبتمبر سنة 2015 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بموضوع الرقابة على الصفقات العمومية، بحيث خصص لها بابا كاملا إشتمل على مختلف أنواع الرقابات من رقابة داخلية، خارجية، قبلية أو بعدية كانت.
ونظرا لأهمية هذه الرقابة في الحفاظ على المال العام وضمان المنافسة في الوصول إلى الطلبات العمومية من جهة، وإتساع هذه الرقابة وشمولها لجميع أنواع الصفقات العمومية ولجميع المراحل التي تمر بها الصفقة من جهة، حاولنا من خلال هذه الورقة البحثية التطرق إلى الشق المتعلق بالرقابة الخارجية القبلية الذي تمارسها لجان الصفقات العمومية على المستوى الوطني والمحلي مع التركيز على اللجنة البلدية للصفقات كنموذج للدراسة
        ومن أجل دراسة هذا الموضوع بشئ من التفصيل قمنا بتقسيم ورقة بحثنا هذه كما يلي:
المحور الأول: تطور رقابة لجان الصفقات العمومية في التشريع الجزائري
المحور الثاني: النظام القانوني للجنة البلدية للصفقات العمومية
المحور الثالث: نتائج رقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية
المحور الرابع: مدى فعالية رقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية

المحور الأول: تطور رقابة لجان الصفقات العمومية في التشريع الجزائري
        حضيت الرقابة التي تمارسها لجان الصفقات العمومية بإهتمام كبير من طرف المشرع الجزائري، وهذا ما نلمسه من خلال تعرض هذا النوع من الرقابة إلى التعديل والإثراء في كل مرة كان يعدل فيها قانون الصفقات العمومية، فمنذ الإستقلال عرفت هذه اللجان تطورا ملحوظا والذي يمكن تقسيمه إلى خمس مراحل:
أولا - فترة ما بين 1962 و 1967
كانت مباشرة بعد الإستقلال حيث عانت الجزائر من غياب التشريع المنظم لرقابة الصفقات العمومية مما إضطرها إلى مواصلة العمل بالتشريع الفرنسي الذي كان ساري المفعول أثناء الحقبة الإستعمارية، وذلك بموجب القانون 62-157 المؤرخ في 31 ديسمبر 1962 والرامي إلى تمديد مفعول التشريع الفرنسي ما لم يكن منافيا للسيادة الوطنية1.
فعملا بالقانون السالف الذكر تم الإحتفاظ بالنظام القانوني للصفقات العمومية الفرنسي المتمثل في عدد من النصوص التي نظمت مجال إبرام الصفقات في الجزائر، ومنها النصوص التي نظمت عملية الرقابة على الصفقات، نذكر منها:
-         القرار الصادر في 20 جويلية 1954 والمتعلق باللجنة الإستشارية لصفقات الدولة؛
-         المرسوم رقم 57-1015 المؤرخ في 26 أوت 1957 والمتعلق بالرقابة على الصفقات المبرمة بإسم الدولة؛
-         القرار الصادر في 17 أوت 1957 والمتضمن إنشاء لجنة لمراقبة الصفقات العامة والتموين في الجزائر2.
هذه النصوص ألمت بأهم الجوانب المرتبطة بإبرام الصفقة، كما ركزت على الجانب الرقابي، فتميزت بإنشاء لجان رقابية في مقاطعة الجزائر لتسهيل عملية تسيير المرافق العامة.
على الرغم من إحتفاظ الجزائر بالتشريع الفرنسي، إلا أن هذا لم يمنع من صدور بعض النصوص التنظيمية التي جاءت لتتماشى مع مقتضيان المصلحة العامة للبلاد نذكر منها:
-         المرسوم رقم 64-60 المؤرخ في 10 فيفري 1964 المتعلق بالتسبيقات الإستثنائية للصفقات العمومية3؛
-         المرسوم رقم 64-103 المؤرخ في 26 مارس 1964 المتضمن تنظيم اللجنة المركزية للصفقات.
هذه النصوص تناولت الرقابة على الصفقات بصفة عامة وليست صفقات الجماعات المحلية.



ثانيا - فترة ما بين 1967 و 1982
إذا كانت الصفقات في المرحلة الإنتقالية قد حُكِمَت بمجموعة من النصوص التنظيمية المختلفة، فإنه ومنذ 1967 إختلف الأمر، وذلك بعد صدور أول تشريع للصفقات العمومية في الجزائر، وهذا بموجب الأمر 67-90 المؤرخ في 17 جوان 1967 المتضمن قانون الصفقات العمومية.
هذا النص مستوحى بصفة كبيرة من التشريع الفرنسي، غير أنه مع ذلك يتماشى والإقتصاد الإشتراكي الذي تبنته الجزائر في تلك الفترة4.
يعتبر هذا الأمر أول نص قانوني يحدث لجانا لرقابة الصفقات العمومية على المستوى المحلي، إذ تضمنت أحكامه تشكيلة وإختصاص اللجنة العمالية (الولائية) للصفقات العمومية، التي تختص طبقا لأحكام المادة 139 منه بإبداء رأيها في مشاريع الصفقات المبرمة من قبل العمالات، البلديات، المؤسسات والمكاتب العمومية العمالية والبلدية.
تتوج رقابة هذه اللجان برأي يكتسي طابع الإلزامية وذلك خلال شهر إبتداء من تاريخ تسليم الملف، غير أنه إذا حصلت عدم الموافقة فإنه يجوز للمصلحة المتعاقدة أن تعرض الأمر على اللجنة المركزية للصفقات التي تدرس الملف ضمن الشروط المقررة في الأمر السالف الذكر.
خضع الأمر 67-90 لعدة تعديلات جوهرية أهمها صدور الأمر 74-09 المؤرخ في 30 جانفي 1974 الذي ألغت المادة الأولى منه الباب الخامس من الأمر 67-90 والمتعلق أساسا بلجان الصفقات، ليتم تعويضها بلجان فقد أعتبرت بمثابة هيئات تأسيسية مكلفة ببرمجة ومراقبة إبرام العقود.
ثالثا - فترة ما بين 1982 و 1991
في هذه الفترة صدر المرسوم 82-145 المؤرخ في 10 أفريل 1982 والمنظم للصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي5، وذلك في ظل نظام الإقتصاد المخطط وتذبذب قيمة الدينار، حيث إعتمد هذا المرسوم في مقتضياته على الميثاق الوطني ودستور 1976 وعلى عدة نصوص أخرى تثبت تأثره بالنهج الإشتراكي.
أخضع المرسم 82-145 السالف الذكر الصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي إلى الرقابة قبل الشروع في تنفيذ الصفقة وأثناءها وبعدها، وقسمها لأول مرة إلى رقابة خارجية ورقابة داخلية وأخرى وصائية.
تُمارَس الرقابة الخارجية القبلية للصفقات من طرف لجان الصفقات، وتتمثل غاية هذه الرقابة في السهر على مطابقة هذه الصفقات للسياسة الوطنية في التنمية والتأكد من مطابقة الصفقات المعروضة عليها للتشريع والتنظيم المعمول بهما، إلى جانب التحق من كون إلتزام المتعامل العمومي يطابق العمل المبرمج.
إختصاص هذه اللجان تم تحديدها بموجب المادة 121 من ذات المرسوم، والتي تميزت بإنفراد كل لجنة برقابة صفقات متعاملها العمومي فقط، فنرى مثلا إستقلالية صفقات البلدية عن اللجنة الولائية للصفقات من حيث الرقابة التي كانت تخضع لها بموجب الأمر 67-90.
تتوج رقابة لجان الصفقات العمومية بمنح أو رفض التأشيرة خلال مدة أقصاها عشرون (20) يوما إبتداء من إيداع الملف كاملا لدى كتابة اللجنة، وفي حالة الرفض يجب أن يكون هذا القرار مسببا كما يمكنه أن يكون محل تجاوز من طرف المسؤول عن المتعامل العمومي وفقا لأحكام المادة 159 من نفس المرسوم.
رابعا - فترة ما بين 1991 و 2002
على إثر مصادقة الشعب الجزائري على دستور 1989، صدرت مجموعة من النصوص القانونية التي تماشى مع التوجه السياسي والإقتصادي الجديد الذي تبنته الدولة6، من بين تلك النصوص نجد المرسوم التنفيذي 91-434 المؤرخ في 9 نوفمبر 1991 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ملغيا بذلك المرسوم 82-145.
مما يلاحظ بالنسبة لهيئات الرقابة الخارجية على الصفقات العمومية في المرسوم التنفيذي الجديد هو وضوحها وتباينها مقارنة بالنصوص التشريعية والتنظيمية السابقة كما إستبدل مصطلح "المتعامل العمومي" بمصطلح "المصلحة المتعاقدة"7، فبموجبه عرفت لجان الصفقات العمومية تغييرا من حيث عدد أعضائها وكذا صفاتهم وذلك من أجل تدارك أزمة نقص الكفاءات التي حدثت في ظل نظام المتعامل العمومي.
تمثلت أهداف الرقابة القبلية الخارجية للصفقات العمومية طبقا للمرسوم التنفيذي 91-434 في التأكد من مطابقة الصفقات للتشريع والتنظيم المعمول بهما، وإلتزام المصلحة المتعاقدة بالعمل المبرمج، بالإضافة إلى أن هذه اللجان تقدم مساعدتها في مجال تحضير الصفقات العمومية.
فيما يتعلق بسير وعمل لجان الصفقات العمومية، فقد أورد ذات المرسوم التنفيذي أحكاما مشتركة تعمل بها جميع اللجان وهذا في المواد من 136 إلى 152 منه إلى جانب التعرض لمسألة التجاوز في حالة رفض التأشيرة.
خامسا - فترة ما بعد 2002
جاء المرسوم الرئاسي 02-250 المؤرخ في 24 جويلية 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية8 في مرحلة ميزها صدور دستور 1996، ونظرا للسياسات الإقتصادية التي إنتهجتها الجزائر في تلك المرحلة وتماشيا مع تطور المرحلة الإقتصادية الجديدة القائمة على فتح المجال أمام المتعاملين الإقتصاديين الوطنيين أو الأجانب للمساهمة في بناء الإقتصاد الوطني9، تم إعادة صياغة تنظيم الصفقات العمومية على النحو الذي يوافق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.
غير أن هذا النص التنظيمي لم يسلم من التعديل، فبعد مضي أقل من سنة تم تعديله بموجب المرسوم الرئاسي 03-301 المؤرخ في 11 سبتمبر 2003، الذي صدر في ظروف إستثنائية كانت تعيشها الجزائر خاصة بعد حدوث زلزال 21 ماي 102003، جاء هذا التعديل مكرسا لمبادئ المساواة وتحقيقا للشفافية في مجال الصفقات العمومية، أما التعديل الثاني فكان بموجب المرسوم الرئاسي رقم 08-338 المؤرخ في 26 أكتوبر 2008 الذي حمل معه تعديلات مست إختصاصات لجان الصفقات العمومية بصفة مباشرة، ليتبع ذلك تعديلات أخرى جاء بها كل من المرسوم الرئاسي رقم 10-236 المؤرخ في 7 أكتوبر 2010 ثم المرسوم الرئاسي 11-98 المؤرخ في أول مارس 2010، مرورا بالمرسوم الرئاسي 11-222 المؤرخ في 16 جوان 2011، فالمرسوم الرئاسي 12-23 المؤرخ في 18 يناير 2012 وأخيرا المرسوم الرئاسي 13-03 المؤرخ في 13 يناير 2013.
على غرار المرسوم التنفيذي رقم 91-434، نظم المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم سير وعمل لجان الصفقات العمومية بمجموعة من القواعد والأحكام المشتركة بينها، وضح من خلاله القواعد الأساسية التي تحكم إجتماعات اللجان وكذا حالات منح ورفض التأشيرة، مع ما ينتج عن ذلك الرفض ويتم هذا بمساعدة الكتابة الدائمة للجنة الصفقات المعنية.
المحور الثاني: النظام القانوني للجنة البلدية للصفقات العمومية
نصت المادة 165 من المرسوم الرئاسي 15-247 على " تحدث لدى كل مصلحة متعاقدة ... لجنة للصفقات تكلف بالرقابة القبلية الخارجية للصفقات العمومية ... "، هذه هي المادة التي تعتبر منطلق دراستنا للجان الصفقات العمومية بصفة عامة على أن نأخذ اللجنة البلدية كنموذج لها.
أولا – تشكيلة اللجنة البلدية للصفقات العمومية
تمثيلا لمختلف الأطراف والجهات الإدارية ذات العلاقة على مستوى الولاية، تتشكل اللجنة البلدية للصفقات العمومية وفقا للمادة 174 من المرسوم الرئاسي السالف الذكر من:
-         رئيس المجلس الشعبي البلدي أو ممثله، رئيسا؛
-         ممثل المصلحة المتعاقدة؛
-         منتخبين إثنين (2) يمثلان عن المجلس الشعبي البلدي؛
-         ممثلين إثنين (2) عن الوزير المكلف بالمالية (مصلحة الميزانية ومصلحة المحاسبة)؛
-         مدير المصلحة التقنية المعنية بالخدمة للولاية، حسب موضوع الصفقة (بناء، أشغال عمومية، ري) عند الإقتضاء؛
عند ملاحظتنا لتشكيلة اللجنة البلدية للصفقات العمومية وفق المرسوم الجديد المنظم للصفقات العمومية، يمكن ملاحظة ما يلي11:
-         رئاسة اللجنة تم إسنادها إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي، لكن لوجود إحتمال عدم توفر الكفاءة المهنية المطلوبة فيه، خول له النص التنظيمي إمكانية تعيين ممثل له في اللجنة والذي عادة ما أحد نوابه؛
-         تشكيلة اللجنة البلدية للصفقات العمومية تضم صنفين من الأعضاء، الأمر الذي يضفي جانبا من التنوع على هذه التشكيلة، أول الصنفين يتمثل في الأعضاء المنتخبين الممثلين عن المجلس الشعبي البلدية والذين يمارسون مهمة الرقابة الشعبية السابقة على إبرام الصفقات العمومية، أما الفئة الثانية فتنحصر في الأعضاء المتبقين والمعينين من مختلف مديريات ومصالح الولاية التي لها علاقة دائمة ومستمرة بالصفقات العمومية؛
-         تشكيلة اللجنة ضمت عضوين ينتميان لوصاية واحدة (وزارة المالية)، الشئ الذي يؤكد علاقة الصفقة العمومية بالخزينة العمومية12، هذين العضوين لم يحدد المرسوم الرئاسي السالف الذكر هويتهما بل فقط أشار إلى المصلحة التي يشتغلان بها.
ثانيا – تعيين أعضاء اللجنة البلدية للصفقات العمومية
بين المرسوم الرئاسي 15-247 طريقة تعيين أعضاء لجان الصفقات العمومية بصفة عامة وذلك في المادة 176 منه، وهي نفس طريقة تعيين أعضاء اللجنة البلدية.
فقد نصت هذه المادة على أن تعيين أعضاء لجان الصفقات العمومية يكون من قبل إدارتهم وبأسمائهم وبالتالي فهذه المهمة تقع على عاتق كل إدارة ينتمي إليها أعضاء اللجنة، كما يتكفل المجلس الشعبي البلدي بإختيار ممثليه في اللجنة بعد مداولة المجلس.
طبقا لأحكام المادة 166 من المرسوم الرئاسي السالف الذكر فإن تعيين اللجنة البلدية للصفقات العمومية يكون بموجب مقرر من رئيسها والمتمثل في رئيس المجلس الشعبي البلدي، هذا المقرر يعتبر تنصيبا للجنة حتى يمكنها مباشرة عملها.
ينبغي تسجيل ملاحظة في غاية الأهمية، وهي أن نص المادة 176 من المرسوم الرئاسي    15-247 لم تجز إلا لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يمثل بشخصية أخرى لرئاسة اللجنة البلدية للصفقات، أما بالنسبة لأعضاء اللجنة فلا يحق لهم ذلك إلا أن نفس المادة سمحت لهم بتعيين مستخلفين عنهم يتولون إستخلافهم عند حدوث مانع من حضورهم الشخصي، ويتم تعيينهم بنفس شروط وكيفيات تعيين الأعضاء الدائمين13.
يتم تعيين أعضاء اللجنة البلدية للصفقات العمومية لمدة ثلاث (3) سنوات قابلة للتجديد15، مع العلم أن هذه العهدة كانت محدد بسنتين (2) فقط قابلة للتجديد وذلك في نظام المتعامل العمومي.

ثالثا – إختصاصات اللجنة البلدية للصفقات العمومية
نصت الرسوم الرئاسي 15-247 في مادته 174 منه على أن اللجنة البلدية للصفقات تختص أساسا بـدراسة مشاريع دفاتر الشروط والصفقات والملاحق التي تبرمها البلدية عندما يتعلق الأمر بـ:
-         دفتر شروط أو صفقة أشغال أو لوازم يقل التقدير الإداري للحاجات أو الصفقة مائتي مليون دينار (200.000.000.00 دج)، وكذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة؛
-         دفتر شروط أو صفقة خدمات يقل التقدير الإداري للحاجات أو الصفقة خمسين مليون دينار (50.000.000.00 دج)، وكذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة؛
-         دفتر شروط أو صفقة دراسات يقل التقدير الإداري للحاجات أو الصفقة عشرين مليون دينار (20.000.000.00 دج)، وكذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة.
الملاحظ لمحتوى المادة 174 السالفة الذكر يجد أنها تنص على إختصاصات اللجنة البلدية للصفقات العمومية مبينة الهيئة المعنوية المبرمة لهذه الصفقات ممثلة في البلدية إضافة إلى المستويات القصوى لهذه الصفقات، مع التمييز بين صفقات الأشغال واللوازم من جهة، وصفقات الدراسات والخدمات من جهة أخرى16.
1. الإختصاص الرقابي للجنة البلدية للصفقات في مجال تحضير الصفقة
أكدت المادة 169 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 على أن تقوم لجان الصفقات العمومية بتقديم مساعدتها في مجال تحضير الصفقات العمومية، وإتمام تراتيبها أي في تحضير دفاتر الشروط وبالتالي فإن دراسة مشاريع دفاتر الشروط من قبل اللجنة البلدية للصفقات العمومية يكون قبل الشروع في مرحلة الإعلان عن العملية، وعليه فالمصلحة المتعاقدة (البلدية) لا يمكنها الشروع في عملية إبرام الصفقة العمومية قبل الحصول على تأشيرة دفتر شروطها.
   أ- ماهية دفتر الشروط
هو عبارة عن وثيقة تتضمن مجموعة من البنود التي تعلق بموضوع الصفقة، طريقة منحها، الوثائق المكونة لها والمطلوبة من المتعهدين والأسس التي يتم الإعتماد عليها في إختيار المتعامل المتعاقد إضافة إلى الأحكام المتعلقة بتنفيذ الصفقة والشروط التقنية التي تضعها الإدارة من أجل حسن تنفيذ الصفقة16.
   ب- نتائج ممارسة الرقابة على مشاريع دفاتر الشروط
تؤدي دراسة مشاريع دفاتر الشروط من قبل اللجنة البلدية للصفقات العمومية إلى صدور مقرر منح التأشيرة أو رفضها وذلك في أجل أقصاه عشرون (20) يوما من تاريخ إيداع الملف كاملا لدى كتابة اللجنة وهذا طبقا لأحكام المادة 178 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، لكن هذه المادة لم تشر إلى المصادقة الضمنية لمشروع دفتر الشروط في حالة تجاوز الأجل دون صدور التأشيرة أو الرفض.
نستنتج مما سبق أن الرقابة على مشاريع دفاتر الشروط هي خطوة فعالة، أراد من خلالها المشرع تطبيق الرقابة على جميع الوثائق المتعلقة بالصفقة وكذا مراحلها وهذا بدءا من التحضير لها، وهي خطوة من شأنها أن تغني المصلحة المتعاقدة من إضاعة الوقت بتفادي الأخطاء المادية قبل الشروع في الإبرام.
2. الإختصاص الرقابي للجنة البلدية للصفقات قبل دخول الصفقة حيز التنفيذ
لا تتوقف إختصاصات اللجنة البلدية عند دراسة مشاريع دفاتر الشروط كرقابة أولية على الصفقة، وإنما تمتد لتشمل مشاريع الصفقات ومشاريع الملاحق ويكون ذلك قبل دخول الصفقة حيز التنفيذ.
   أ- مشاريع الصفقات
بعدما تتحصل المصلحة المتعاقدة على دفتر شروط مصادق عليه من قبل اللجنة البلدية للصفقات العمومية تمر إلى مرحلة الدعوة إلى المنافسة، ثم من بعدها إلى مرحلة إسناد الصفقة ثم الإعلان عن المنح المؤقت للصفقة في نفس وسائل الإعلان التي إستخدمتها للإعلان عن المنافسة.
بعد كل ما سبق تودع المصلحة المتعاقدة مشروع الصفقة لدى للجنة البلدية لدراسته والتأشير عليه والذي يتضمن كل البيانات المنصوص عليها في المادة 95 من المرسوم الرئاسي 15-247 والتي تنص على " يجب أن تشير كل صفقة عمومية ... ويجب أن تتضمن على الخصوص البيانات ... "، تقدم المصلحة المتعاقدة هذا المشروع مرفقا بملف كامل لتشرع لجنة الصفقات البلدية بدراسة وتفحص كل وثيقة والتأكد من مطابقتها شكلا ومضمونا للتشريع والتنظيم المعمول بهما خاصة ما تعلق بتنظيم الصفقات العمومية.
   ب- مشاريع الملاحق
في إطار تنفيذ الصفقة العمومية، يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تلجأ إلى إبرام ملاحق للصفقة، وذلك وفقا لتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام17، فالملحق كما وضحته المادة 136 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 هو " وثيقة تعاقدية تابعة للصفقة، ويبرم في جميع الحالات إذا كان هدفه زيادة الخدمات أو تقليلها و/أو تعديل بند أو عدة بنود تعاقدية في الصفقة ".
إن الملحق شأنه شأن الصفقة العمومية من حيث خضوعه للرقابة الخارجية القبلية وذلك بإعتباره وثيقة تعاقدية ملحقة بالصفقة الأصلية، فالملحق يبرم ويعرض على لجنة الصفقات البلدية في حدود آجال التنفيذ التعاقدية الخاصة بالصفقة الأصلية، وبالتالي فإن المصلحة المتعاقدة لا يمكنها الشروع في تنفيذ بنود الملحق قبل الحصول على تأشيرة اللجنة البلدية للصفقات العمومية.

3. دراسة الطعون في المنح المؤقت من قبل اللجنة البلدية للصفقات العمومية
لقد كرس المرسوم الرئاسي 15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام مبادئ حرية الوصول للطلبات العمومية والمساواة في معاملة المرشحين وشفافية الإجراءات18، وهو ما يظهر جليا من خلال تنظيمه لإجراء الطعن في المنح المؤقت للصفقات في مادته 82 التي جاءت فاصلة في هذا المجال مانحة الحق للمتعهد المحتج على رفع الطعن في المنح المؤقت لصفقة ما أمام لجنة الصفقات المختصة لا سيما اللجنة البلدية وذلك في أجل أقصاه عشرة (10) أيام من تاريخ نشر إعلان المنح المؤقت للصفقة في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي أو في الصحافة على أن يتم تمديد هذا التاريخ إذا تزامن اليوم العاشر مع يوم عطلة أو يوم راحة قانونية إلى يوم العمل الموالي.
 بالرجوع إلى المادة السالفة الذكر وفي الفقرة الثامنة منه نجد أن اللجنة البلدية للصفقات العمومية تقوم بدراسة الطعون المرفوعة إليهاـ وتفصل فيها بموجب قرار تصدره في أجل خمسة عشر (15) يوما إبتداء من تاريخ إنقضاء أجل العشرة (10) أيام المحددة لرفع الطعن من طرف المحتج، ويبلغ هذا القرار للمصلحة المتعاقدة ولصاحب الطعن.
جدير بالذكر أن في حالة وجود طعن في المنح المؤقت للصفقة، لا يمكن أن يعرض مشروع الصفقة على اللجنة لدراسته إلا بعد إنقضاء أجل ثلاثين (30) يوما، إبتداء من نشر إعلان المنح المؤقت للصفقة، هذا الأجل يوافق الآجال المحددة لتقديم الطعن (10 أيام) ولدراسته (15 يوما) ولتبليغ قرار اللجنة (5 أيام)، وفي هذه الحالة تجتمع اللجنة البلدية للصفقات العمومية بحضور ممثل المصلحة المتعاقدة بصوت إستشاري وذلك محافظة على حياد لجنة الصفقات العمومية البلدية حال دراستها للطعون المرفوعة أمامها19.
رابعا – سير وعمل اللجنة البلدية للصفقات العمومية
أشرك تنظيم الصفقات العمومية المعمول به حاليا والمنظم بموجب المرسوم لرئاسي 15-247 لجان الصفقات العمومية التابعة لمصالح المتعاقدة في القواعد المنظمة لسيرها وعملها، بحيث خصص قسما فرعيا كاملا لهذه القواعد، وضح من خلالها كيفية ممارسة هذه اللجان لمهامها الرقابية، مع تحديد آجال لكل إجراء رقابي.
1. إجتماعات وجلسات اللجنة البلدية للصفقات العمومية
طبقا لأحكام المادة 166 من المرسوم الرئاسي السالف الذكر التي تنص على " يعين أعضاء اللجنة ... ، بموجب مقرر من رئيس اللجنة ... " فإن تعيين اللجنة البلدية للصفقات العمومية يكون بموجب مقرر من رئيسها والمتمثل في رئيس المجلس الشعبي البلدي، هذا المقرر يعتبر تنصيبا للجنة حتى يمكنها مباشرة عملها.
كما تجدر الإشارة إلى أن اللجنة البلدية للصفقات يمكنها أن تستعين، على سبيل الإستشارة، بأي شخص ذي خبرة من شأنه أن يساعدها في أشغالها، شريطة أن يلتزم بالسر المهني20.
ينعقد إجتماع اللجنة البلدية للصفقات العمومية طبقا للمادة 191 من المرسوم الرئاسي 15-247 بمبادرة من رئيسها، أي رئيس المجلس الشعبي البلدي أو ممثله؛ يسهر الرئيس على إدارة لمناقشات كما يضمن حسن سير إجتماع اللجنة.
المشاركة في أشغال إجتماعات اللجنة البلدية للصفقات العمومية تكون شخصية، أي لا يمكن مشاركة أي شخص كان من غير الأعضاء المذكورين في التشكيلة المنصوص عليها في تنظيم الصفقات العمومية، هذا ما أكدته الفقرة الرابعة من المادة 191 من المرسوم الرئاسي 15-247 التي تنص " يتعين على أعضاء اللجنة أن يشاركوا شخصيا في إجتماعاتها. وفي حال غيابهم أو حدوث مانع لهم، لا يمكن أن يمثلهم إلا مستخلفوهم ".
جاءت هذه المادة حازمة فيما يخص التمثيل الشخصي للأعضاء، لكن طبيعة المسؤولية والمناصب التي يشغلها أعضاء اللجان تجعل من المستحيل تحقيق الحضور الشخصي الدائم لهم، مما دفع بالمشرع إلى التخفيف عنهم بالسماح لهم بإمكانية تمثيلهم من طرف مستخلفيهم.
2. مداولات اللجنة البلدية للصفقات العمومية
لا تصح إجتماعات اللجنة البلدية للصفقات إلا ببلوغ النصاب القانوني المحدد في الفقرة الثالثة من المادة 191 من المرسوم الرئاسي 15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية والمتمثل في الأغلبية المطلقة لأعضاء اللجنة، أما في حالة عدم إكتمال هذا النصاب تجتمع اللجنة من جديد في غضون الثمانية (8) أيام الموالية وتصح عندئذ مداولاتها مهما كان عدد الحاضرين.
إذا كانت الإجتماعات لا تعقد للمرة الأولى إلا بحضور الأغلبية المطلقة فإن قرارات اللجنة تتخذ دائما بأغلبية الأعضاء الحاضرين على أن يكون صوت الرئيس مرجحا في حال تعادل الأصوات.
تتم دراسة ومعالجة الملفات المعروضة على اللجنة البلدية للصفقات من خلال تعيين رئيسها لعضو من أعضائها وتكليفه بدراسة الملف (سواء تعلق الأمر بدراسة مشروع دفتر شروط أو مشروع صفقة أو مشروع ملحق)، ويسمى هذا العضو في هذه الحالة مقررا، هذا الأخير ينهي دراسته للملف بتقديم تقرير تحليلي عنه يوضح من خلاله البيانات المتعلقة بالملف مع ذكر نتيجة التقرير التي تكون إما قبول الملف كاملا أو قبوله بتحفظات أو رفضه مع الإشارة إلى أن هذه النتيجة ليست نهائية وإنما تخضع لمناقشة اللجنة.
وبهدف مساعدة المقرر على القيام بمهمته، فرضت المادة 193 من المرسوم الرئاسي 15-247 في فقرتها الرابعة إرسال الملف إليه كاملا قبل ثمانية (8) أيام على الأقل من إنعقاد الجلسة المخصصة لدراسة هذا الملف.
3. الكتابة الدائمة للجنة البلدية للصفقات العمومية
لا يتأتى للجنة البلدية للصفقات العمومية أداء مهامها بشكل نظامي وفعال إلا بمساعدة أمانة اللجنة والتي سميت بموجب المرسوم الرئاسي 15-247 الكتابة الدائمة.
فتبعا لأحكام المادة 199 من المرسوم الرئاسي المذكور سابقا فإن الكتابة الدائمة للجنة البلدية للصفقات العمومية موضوعة تحت سلطة رئيسها أي تحت سلطة الوالي وهي تتولى أساسا القيام بالمهام المادية التالية:
-         التأكد من أن الملفات المقدمة من قبل المصلحة المتعاقدة كاملة؛
-         تسجيل الملفات وكذا أي وثيقة تكميلية وتسليم مقابل ذلك وصل إستلام إلى المصلحة المتعاقدة؛
-         إعداد جدول الأعمال؛
-         إستدعاء أعضاء اللجنة وممثلي المصلحة المتعاقدة والمستشارين المحتملين؛
-         إرسال الملفات إلى المقررين؛
-         إرسال المذكرة التحليلية لمشروع الصفقة أو مشروع الملحق والتقرير التقديمي إلى أعضاء اللجنة؛
-         تحرير التأشيرات والمذكرات ومحاضر الجلسات؛
-         إعداد التقارير التفصيلية عن النشاط؛
-          تمكين أعضاء اللجنة من الإطلاع على المعلومات والوثائق الموجودة لديها؛
-          متابعة رفع التحفظات غير الموقفة بالإتصال مع المقرر.
مما سبق يمكن التأكد من الدور التنسيقي الذي تلعبه الكتابة الدائمة مما يسهل وبشكل فعال عمل اللجنة البلدية للصفقات العمومية في دراسة ومعالجة الملفات المعروضة عليها والمقدمة من قبل المصالح المتعاقدة.
المحور الثالث: نتائج رقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية
تعتبر اللجنة البلدية للصفقات العمومية وهي تمارس مهامها الرقابية على الصفقات الداخلة في إختصاصها مركز إتخاذ القرار في مجال رقابة الصفقات العمومية المعنية بها، وهو ما أكدته المادة 195 من المرسوم الرئاسي 15-247، حيث تتوج هذه الرقابة بمنح التأشيرة أو رفضها من طرف هذه اللجنة.
كما نصت المادة 196 من نفس المرسوم الرئاسي على " يجب على المصلحة المتعاقدة أن تطلب إجباريا التأشيرة، وتفرض التأشيرة الشاملة التي تسلمها لجنة الصفقات العمومية على المصلحة المتعاقدة والمراقب المالي والمحاسب المكلف ... "، ومن هنا تبرز أهمية الرقابة التي تقوم بها لجنة الصفقات البلدية والتي تكمن في مدى إلزامية تأشيرتها لإتمام عملية إبرام الصفقة وتنفيذها21.

أولا – منح التأشيرة
إن دراسة الملف الكامل لمشروع دفتر شروط أو مشروع صفقة أو مشروع ملحق من طرف اللجنة البلدية للصفقات ينتج عنه منح التأشيرة والتي قد تكون شاملة أو مصحوبة بتحفظات. 
1. منح التأشيرة الشاملة
إن التأشيرة التي تمنحها اللجنة البلدية للصفقات تعبر عن إرادة هذه الأخيرة، وهي تعتبر أهم خطوة في عملية الرقابة القبلية على إبرام الصفقات العمومية، حيث تملك هذه اللجنة الحرية في منح التأشيرة أو رفضها وفقا للمادة 195 من المرسوم السالف الذكر التي تنص على " ... يمكن اللجنة أن تمنح التأشيرة أو ترفضها ... "، فبعد دراسة الملف والتأكد من أنه كامل ويستوفي الشروط القانونية تقرر اللجنة منح التأشيرة التي تعتبر تصرفا قانونيا لها.
2. منح التأشيرة بتحفظات
تمنح لجنة الصفقات البلدية التأشيرة الشاملة عندما يكون الملف المعروض عليها كاملا، أما إذا شابه نقصان أو بعض الأخطاء يمكن للجنة أن تمنح التأشيرة لكن بتحفظات والتي قد تكون موقفة أو غير موقفة، وفضلا عن ذلك يمكن للجنة تأجيل مشروع الملف لإستكمال المعلومات.
   أ- منح التأشيرة مرفقة بتحفظات موقفة
طبقا للمادة 195 من المرسوم الرئاسي 15-247، يمكن للجنة البلدية للصفقات العمومية أن تمنح تأشيرة مرفقة بتحفظات موقفة، وذلك عندما يتعلق الأمر بموضوع مشروع دفتر الشروط أو الصفقة أو الملحق، ويتعين حينئذ على الأمانة الكتابة الدائمة للجنة متابعة رفع هذه التحفظات بالإتصال مع المقرر المكلف بدراسة الملف، ولا يمكن في هذه الحالة للصفقة أن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد تصحيح العيب وإزالته، لأن التأشيرة تكون معلقة على شرط واقف، وهو إزالة التحفظات الموقفة من طرف المصلحة المتعاقدة المعنية بالصفقة22.
   ب- منح التأشيرة مرفقة بتحفظات غير موقفة
هناك نوع آخر من الأخطاء والعيوب التي توجد في الملفات التي تعرض على اللجنة البلدية للصفقات العمومية، والذي يترتب عنه منح تأشيرة مرفقة بتحفظات غير موقفة، وهذا عندما ترتبط هذه العيوب بالشكل، ففي هذه الحالة يمكن للصفقة أن تدخل حيز التنفيذ لكن مع ذلك يجب رفع التحفظات الشكلية بالتنسيق بين مسؤول الكتابة الدائمة للجنة وكذا المقرر الذي عهد إليه دراسة هذا الملف، لكن التساؤل الذي يبقى قائما هو ما المقصود بشكل الصفقة؟ فالمشرع لم يعين معيارا أساسيا لتحديده23.

   ج- تأجيل مشروع الملف لإستكمال المعلومات
إضافة إلى إمكانية اللجنة البلدية لصفقات في عدم منح التأشيرة الشاملة بسبب وجود تحفظات إلا أن هناك حالة أخرى لا تمنح فيه التأشيرة شاملة حيث تقرر بشأنها تأجيل مشروع الملف لإستكمال المعلومات، ويحدث هذا في حالة وجود نقص بعض الوثائق الهامة والضرورية في ملف الصفقة، والتي تقع حائلا دون تمكن اللجنة من دراسة الملف بشكل كامل.
ثانيا – رفض التأشيرة والآثار المترتبة عن   أو ترفضها. وفي حالة الرفض يحب أن يكون هذا الرفض معللا ".
1. رفض التأشيرة
إنطلاقا من نص المادة، يمكن أن نستنتج أن رفض التأشيرة من قبل اللجنة البلدية للصفقات العمومية يقوم على ما يلي24:
-         يعود سبب رفض التأشيرة إلى قيام حالة قانونية تعاينها اللجنة من حيث وجود مخالفة للتشريع و/أو التنظيم المعمول بهما للصفقات العمومية.
-         تقتضي الفقرة السابعة من المادة 195 من التنظيم السالف الذكر تبليغ رفضالتأشيرة للمصلحة المتعاقدة والسلطة الوصية علها في أجل أقصاه ثمانية (8) أيام من إنعقاد الجلسة، كما يجب على اللجنة البلدية أن تفرغ هذا الرفض في شكل مقرر (وثيقة مكتوبة).
 2. الآثار المترتبة عن رفض منح التأشيرة
بالرجوع إلى نص المادة 200 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، يتضح تماما أن الكلمة الأخيرة في إبرام الصفقة العمومية تعود للمصلحة المتعاقدة والمحددة في المادة 4 من نفس المرسوم الرئاسي25، فقد خول المشرع لهذه الهيئات صلاحية تتمثل في تجاوز التأشيرة حيث أن تنظيم الصفقات العمومية رخص هذه الصلاحية لإعتبارات وضرورات المصلحة العامة والتسيير الإداري الحسن، الأمر الذي يجعل من رقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية مجرد رقابة قبلية وليس إختصاصا بإبرام الصفقة.   
ونظرا لخطورة مقرر التجاوز، فقد أحاطه تنظيم الصفقات العمومية بجملة من القيود، تتمثل فيما يأتي26:
-         طبقا للمادتين 200 و 201 من المرسوم الرئاسي 15-247، فإن المخول له قانونا إتخاذ مقرر تجاوز تأشيرة اللجنة البلدية هو رئيس المجلس الشعبي البلدي وهو نفسه المخول لهم إمضاء الصفقة وإبرامها طبقا للمادة 4 من نفس التنظيم؛
-         يشترط لصحة مقرر التجاوز أن يكون معللا ومسببا، وأن ينبني على تقرير من المصلحة المتعاقدة؛
-         تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 201 من المرسوم الرئاسي 15-247، فإنه على المصلحة المتعاقدة تبليغ نسخة من مقرر التجاوز إلى مجلس المحاسبة، الوزير المكلف بالمالية ممثلا في سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام والمفتشية العامة للمالية إضافة إلى مجلس المحاسبة وكذا اللجنة البلدية للصفقات العمومية؛
-          مراعاة لأحكام المادة 202 من المرسوم الرئاسي المذكور سابقا، فإنه لا يمكن إتخاذ مقرر التجاوز في حالة رفض التأشيرة المعلل لعدم مطابقة الأحكام التشريعية (قانون البلدية مثلا)، في حين يمكن إتخاذ مقرر التجاوز في حالة رفض التأشيرة المعلل لعدم مطابقة الأحكام التنظيمية؛
-         لا يمكن إتخاذ مقرر تجاوز التأشيرة لأي سبب كان بعد أجل تسعين (90) يوما، إبتداء من تاريخ تبليغ رفض التأشيرة.
المحور الرابع: مدى فعالية رقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية
إن دراسة مدى فعالية الدور الرقابي للجنة البلدية للصفقات العمومية لا بد أن ننظر إليه من جانبين أولهما واجبات أعضاء اللجنة أما الثاني فيتعلق بالصلاحيات الممنوحة لها في إطار الرقابة القبلية للصفقات العمومية التي تبرمها الهيئات العمومية والتي تدخل ضمن إختصاصات هذه اللجنة.
أولا – واجبات أعضاء اللجنة البلدية للصفقات العمومية
على غرار سائر لجان الصفقات العمومية، فقد حدد المرسوم الرئاسي 15-247 في القسم الفرعي الثالث من القسم الثاني الواجبات الملزمة لأعضاء اللجنة البلدية للصفقات العمومية والتي يمكن ذكرها في النقاط التالية:
 1. الحضور الشخصي في اللجنة
تبعا لأحكام المادة 191 من المرسوم الرئاسي 15-247 فإن إجتماعات اللجنة البلدية للصفقات العمومية لا تصح إلا بحضور الأغلبية المطلقة لأعضائها، ما يبرز أهمية حضور كل الأعضاء للمشاركة في أشغال الجلسات التي يتولد عنها إتخاذ قرارات اللجنة بأغلبية الحاضرين.
كما أن ما يميز هذه المشاركة هو الطابع الشخصي لها، وهو ما أكدته نفس المادة السالفة الذكر في فقرتها الرابعة والتي تلزم أعضاء اللجنة البلدية للصفقات بالمشاركة الشخصية في إجتماعاتها، على أن يمثلهم مستخلفوهم دون غيرهم في حالة وقوع مانع لهم، الأمر الذي يجعل رقابة اللجنة محصورة في عدد من الأعضاء المعرفين بأسمائهم وصفاتهم.

2. المشاركة في العمل الرقابي
تتم هذه المشاركة من خلال نظام عمل اللجنة البلدية للصفقات العمومية الذي حدده تنظيم الصفقات العمومية، والذي يتم من خلاله إستجابة العضو إلى التكليف الذي يتلقاه من رئيس اللجنة بتحضير وتقديم تقرير تحليلي عن ملف معين مدرج في جدول أعمال اللجنة.
وبهدف تسهيل مهمة المقرر في دراسة الملف وإعداد التقرير التحليلي للملف يتلقى هذا الملف كاملا ومرفقا بالوثائق والمستندات الأساسية قبل ثمانية (8) أيام على الأقل من إنعقاد الإجتماع المخصص لمناقشة ذلك الملف27.
3. الإلتزام بالسر المهني
نصت المادة 194 من المرسوم الرئاسي 15-247 على وجوب الإلتزام بالسر المهني وذلك على كل شخص يشارك في إجتماعات اللجنة البلدية للصفقات العمومية بأي صفة كانت، ولعل هذا الواجب يرمي إلى حماية مصلحة الأفراد الشخصية وأسرارهم الخاصة من جهة وضمان الثقة بين المستفيد من خدمات الإدارة وبين الموظف العام من جهة أخرى28.
تجدر الإشارة إلى أن واجب الإلتزام بالسر المهني قد نص عليه الأمر 06-03 المؤرخ في      15 جويلية سنة 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، كما إعتبر إفشاءه من الأخطاء المهنية من الدرجة الثالثة29.
ثانيا – محدودية فعالية رقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية
إن الإختصاص الأصيل للجنة البلدية للصفقات العمومية هو رقابة مطابقة مشاريع دفاتر الشروط والصفقات والملاحق التي تدخل في إختصاصها للتنظيم والتشريع المعمول به لتنتهي هذه الرقابة بمنحها التأشيرة، إلا أن الدراسة المعمقة لهذه الرقابة أظهر لنا محدودية في فعاليتها وذلك بالنظر إلى ما جاءت به المواد 196، 200 و 201 من المرسوم الرئاسي المذكور سلفا.
 1. عدول المصلحة المتعاقدة عن إبرام الصفقة
تنص المادة 196 من المرسوم الرئاسي 15-247 على " ... وإذا عدلت المصلحة المتعاقدة عن إبرام إحدى الصفقات التي كانت موضوع تأشيرة من قبل، فإنها يجب أن تعلم اللجنة المختصة بذلك....".
هذه المادة تشير إلى النهاية غير الطبيعية للصفقة، وذلك بفسخ العقد من طرف الإدارة بالإرادة المنفردة بسبب مقتضيات المصلحة العامة، فمما سبق يتبين لنا أن رقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية تغدو ذات فعالية نسبية في ظل كل الأشواط التي مرت بها الصفقة (تحضير، طرح للمنافسة، إستقبال المترشحين، إختيار المتعامل المتعاقد معه) والتي خضعت لرقابة الخارجية اللجنة لتأتي المصلحة المتعاقدة في نهاية الأمر لتعلن عدولها عن الإبرام.
2. تأثير مقرر التجاوز على رفض منح التأشيرة
كما سبق ذكره فقد نصت المادتين 200 و 201 على إمكانية إتخاذ مقرر تجاوز التأشيرة في حالة رفضها من قبل اللجنة البلدية للصفقات عندما يتعلق سبب الرفض بعدم مطابقة الأحكام التنظيمية، وهو ما يشكل إضعافا كبيرا لمهمة الرقابة التي تمارسها هذه اللجنة.
وقد لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل تتواصل الإمتيازات في هذا المجال والتي منحها المشرع للسلطة المكلفة بالمصادقة على الصفقة العمومية كمقرر التغاضي الذي يصدره الآمر بالصرف في حالة رفض المراقب المالي منح التأشيرة على الإلتزام بالنفقة، إلى جانب إمكانية تسخير الآمر بالصرف للمحاسب العمومي وذلك تجاوزا لرقابته في حالة رفضه لدفع النفقات المتعلقة بالصفقة العمومية30.



خاتمة:
بعد كل ما أوردناه عبر هذا الموضوع، تولدت لدينا جملة إستنتاجات وجملة إقتراحات وتوصيات رأينا على ضرورة العمل لتنفيذها تدعيما لرقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية من جهة وحفاظا على المال العام من جهة أخرى، وفيما يلي بيان ذلك:
الإستنتاجات:
1.    الرقابة القبلية الخارجية التي تمارسها لجان الصفقات العمومية لها نظام قانون محدد، هذا النظام عرف تطورا ملحوظا عبر مختلف النصوص المتعاقبة والمتعلقة بالصفقات العمومية.
2.    تعتبر التأشيرة التي تمنحها اللجنة البلدية للصفقات العمومية من النتائج التي تعكس رقابة هذه اللجنة وهي إلزامية تطلبها المصلحة المتعاقدة قصد إستكمال إبرام الصفقة وتنفيذها.
3.    المتعمق لدراسة رقابة اللجنة البلدية للصفقات العمومية يكتشف التعقيد والغموض الذي يكتنف هذه الرقابة، إضافة إلى تجاوز منح التأشيرة في حالة رفضها الذي يمكن للمصلحة المتعاقدة إتخاذه وهو الأمر الذي يحد من فعالية الدور الرقابي لهذه اللجنة.
4.    تتميز تشكيلة اللجنة البلدية للصفقات العمومية بمشاركة المنتخبين فيها إلا أن مشاركتهم في هذه اللجنة تبقى جد محدودة أو تكاد تكون معدومة، بالإضافة إلى عدم إشتراط المشرع لشرط الكفاءة لأعضاء لجان الصفقات العمومية بصفة عامة واللجنة البلدية للصفقات بصفة خاصة.
الإقتراحات والتوصيات:
1.    ضرورة تفعيل دور المنتخبين في لجنة الصفقات العمومية البلدية وذلك عن طريق تطوينهم وتحسين مستواهم في هذا المجال.
2.    ضرورة الإرتقاء بالدور الرقابي للجان للصفقات العمومية بصفة عامة من رقابة المطابقة إلى رقابة الأداء ونوعية التسيير.
3.    الإسراع بإعداد النصوص التنظيمية والتطبيقية للمرسوم الرئاسي رقم 15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، وذلك لإزالة الغموض واللبس عن كثير من النقاط التي يتضمنها.



المراجع والإحالات:
(1) القانون رقم 62-157 المؤرخ في 31 ديسمبر 1962 المتعلق بالإستمرار العمل بالتشريع الفرنسي عدا ما يتعارض مع السيادة الوطنية، ج. ر. رقم 2 المؤرخة في 11 جانفي 1963.
(2) علاق عبد الوهاب، الرقابة على الصفقات العمومية في التشريع الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، جامعة بسكرة، 2004، ص 30.
(3) المرسوم رقم 64-60 المؤرخ في 10 فيفري 1964 المتعلق بالتسبيقات الإستثنائية للصفقات العمومية، ج. ر. رقم 15 المؤرخة في 18 فيفري 1964.
(4) بوضياف عمار، الوجيز في القانون الإداري، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2007، ص 17.
(5) المرسوم 82-145 المؤرخ في 10 أفريل 1982 والمنظم للصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي، ج. ر. رقم 15 المؤرخة في 13 أفريل 1982.
(6) بوضياف عمار، الصفقات العمومية في الجزائر، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2007، ص 25.
 (7) معاشو عمار، الضمانات في العقود الإقتصادية الدولية في التجربة الجزائرية، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة الجزائر، 1998، ص 90.  
(8) المرسوم الرئاسي 02-250 المؤرخ في 24 جويلية 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، ج. ر. رقم 52 المؤرخة في 28 جويلية 2002.
(9) بعلي محمد الصغير، العقود الإدارية، دار العلوم للنشر والتوزيع، عنابة، الجزائر، 2005، ص 9.
(10) لوز رياض، دراسة التعديلات المتعلقة بتنظيم الصفقات العمومية بموجب المرسوم الرئاسي 02-250، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، جامعة الجزائر، 2006، ص 90.
(11) بجاوي بشيرة، الدور الرقابي للجان الصفقات العمومية على المستوى المحلي، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، جامعة بومرداس، 2012، ص 44.
(21) بوضياف عمار، الصفقات العمومية في الجزائر، مرجع سبق ذكره، ص 188.
(31) بجاوي بشيرة، مرجع سبق ذكره، ص 48.
(41) المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المؤرخ في 16 سبتمبر 2015 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، ج. ر. رقم 50 المؤرخة في 20 سبتمبر 2015، المادة 176.
 (51) بجاوي بشيرة، مرجع سبق ذكره، ص 62.
 (61) بعلي محمد الصغير، مرجع سبق ذكره، ص 48.
(71) المرسوم الرئاسي رقم 15-247، مرجع سبق ذكره، القسم الخامس من الفصل الرابع، المواد من 135 إلى 139
(81) نفس المرجع السابق، المادة 5.
(91) بوضياف عمار، الصفقات العمومية في الجزائر، مرجع سبق ذكره، ص 187.
(20) المرسوم الرئاسي رقم 15-247، مرجع سبق ذكره، المادة 191.
(21) قدوج حمامة، عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ص 138.
(22) بجاوي بشيرة، مرجع سبق ذكره، ص 82.
(23) نفس المرجع السابق، ص 84
(24) بعلي محمد الصغير، مرجع سبق ذكره، ص 67.
(25) قدوج حمامة، مرجع سبق ذكره، ص 138.
(26) بعلي محمد الصغير، مرجع سبق ذكره، ص 69.
(27) المرسوم الرئاسي رقم 15-247، مرجع سبق ذكره، المادة 193.
(28) بجاوي بشيرة، مرجع سبق ذكره، ص 100.
(29) الأمر 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، ج. ر. رقم 46 المؤرخة في 16 جويلية 2006، المادة 163.
(30) علاق عبد الوهاب، مرجع سبق ذكره، ص 97.


ضع اعلانك هنا

0 التعليقات:

إرسال تعليق